من كتاباته

ضرورة التخطيط بعيدا عن العجلة الخامسة 

*بقلم /المرحوم صالح زايد

في المقالة السابقة قدّمنا جدولا لأهم المشكلات الثقافية في بلدنا، وأكدنا على  أن أم المشكلات في هذا الميدان تتمثل في مشكلة العلاقة بين نصوص القوانين والمراسيم، وبين التنفيذ والمتابعة والتقييم.
ثم مدى أهمية المبادرة في إطار السياسة اللامركزية من خلال استغلال الوسائل والإمكانيات المتاحة على المستويات المحلية.
في نظرتنا إلى الثقافة يجب أولا أن نطرح الفكرة الجوفاء التي تقول باستبعاد عملية التخطيط في المجال الثقافي، واعتبارها حشوا لا مبرر لوجوده في الخطة التنموية.
يقول أحد الباحثين «إن الثقافة في الكثير من البلدان هي أشبه ما تكون بعجلة خامسة في السيارة !»، إن الطرح الساذج لدى البعض لمفهوم الثقافة عن مجال التخطيط يدعو هذه المقولة، ويفرغ الثقافة من هدفها الإنساني النبيل الذي يرتكز على التربية والتوجيه والتوعية والابداع.
إن التخطيط في المجال الثقافي يعني إلغاء هذه المفاهيم البالية والرديئة بالعمل على بعث ثقافة نظيفة، هادئة وملتزمة.
والواقع أن إهمال الميدان الثقافي أو التقليل من أهمية عنصر التخطيط، هو الذي ساعد على توجيه الثقافة وجهة فنية بحتة، وإصباغها بالطابع الفولكلوري، الرقص، الشعر الملحون والأغاني.
وهذا الطابع السائد يعمل باستمرار على ترسيخ الفكرة القائلة: إن الثقافة المتخلفة ثقافة شفوية وبدائية تعتمد على الصراخ والحركات العشوائية.
إن السير بالثقافة في الاتجاه السليم واعتبارها أداة لتغيير الذهنية على نحو غير فلكلوري، هو أسلوب يمنح المجتمع التجدد والرغبة في اكتشاف واقعه والعالم من حوله، واستشراف مستقبله بغية افتكاك من واقع العصر دور المساهمة فيه، والانتقال من مرحلة التفرج الأبله والاندهاش إلى مرحلة النضج والتحكم والتوجيه.
إن الدعوة إلى ضرورة استغلال الطاقات والإمكانيات المتواجدة على المستويات المحلية تنبع من اقتناعنا مدى تطابق المبادرة المحلية مع سياسته اللامركزية، وهو التلازم الضروري الذي يستهدف:
1- بعث الطاقات البشرية، وإفراز المواهب: محليا، جهويا، ووطنيا.
2- توفير مناخ أكبر لنمو الرغبة والاهتمام بالثقافة لدى الجماهير الشعبية والعمل على خلق تقاليد ثقافية وفنية.
3- الاعتماد على الوسائل والإمكانيات المحلية، والعمل على استغلالها بكيفية أفضل، وبشكل يوفر الشروط التى تضمن سير العمل، وكسب الوقت، وقلة التكاليف ...الخ.
4- العمل على إبراز الجانب الثقافي السليم بتكثيف برامج ثقافية فنية ذات مضامين جادة، وهادفة مثل: عقد ندوات، وتنظيم المحاضرات، والعروض المسرحية والتشكيلية بالدرجة الأولى.
وفي المقابل هذا كله، يجب العمل على محاربة كل نزعة تحط من قيمة الثقافة ومكافحة بعض المظاهر الفولكلورية الساعية إلى الحلول محل النشاطات الثقافية الرزينة.
إن التوجه إلى التخطيط الثقافي ضرورة ملّحة، تفرضها طبيعة المرحلة، وليس التخطيط في هذا الميدان مجرد حشو لفظي أو اقحاما لعجلة خامسة في السيارة.
على أن إحداث كتابة الدولة للثقافة والفنون الشعبية بالاضافة إلى وزارة الثقافة والإعلام – سيكون له أثر كبير في إعطاء دفع جديد للثقافة والإعلام والفنون ضمن الاختبارات الأساسية للبلاد.
* المجاهد الأسبوعي 1980

 

 

 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024